يسوع الشهادة
وأعتقد أن ما علينا فعله، ليس أن نحاول أن نجرد التفاسير المعنية بيسوع والتي نجدها في الأناجيل الأربعة، بل بالأحرى، أن ندرك أن هناك مستوى من التفسير ليسوع يرجع بالفعل لشهود عيان، هم أنفسهم، من شهدوا الأحداث المختصة بتاريخ يسوع، من كانوا منخرطين بأنفسهم في الأحداث. وأين يفترض العصريين كثيراً أنه إن حصلنا على شهادة شخص متفرج على الأحداث من بعيد وغير مهتم، تكون هذه الشهادة أكثر مصداقية من شهادة شخص كان مشترك ومنخرط في الأحداث والذي تأثر بها؟ إن المؤرخين القدماء كانوا يفكرون في الأمر بشكل مضاد تماماً، وأعتقد أن وجهة نظرهم أفضل، أن من هم داخل الأحداث يمكنهم أن يحكوا لنا الأكثر فعلياً، وهم من يقدروا أن يعطونا الأدلة الأكثر مصداقية والأكثر تشويقاً. أولاً، إن أثر شيء فيك بعمق، فإنك ستتذكره أفضل من لو كنت مجرد متفرج عابر لا يعنيه الأمر بشكل خاص. ولكنك سيكون لديك إحساس بأهمية هذه الأحداث أيضًا والتي أتت عليك، بينما تختبرها. لذا، أعتقد أن ما لدينا في الأناجيل هو يسوع الشهادة، وأقصد بذلك، يسوع كما شهده شهود العيان هؤلاء وسردوا عنه قصصهم. ولدينا بالفعل خليط من الحقائق والتفسيرات، ولكنه خليط من الحقائق والتفسيرات يرجع إلى هؤلاء المشاركين المنخرطين في الأحداث.
لذلك، أعتقد، فعلياً أن ذلك أكثر مصداقية من آراء بعض المؤرخين الجدد، الذين رجعوا إلى ما وراء الأناجيل، وفرضوا عليها تفسيراتهم الشخصية فعلياً. لا يوجد لدينا أي حقائق أبداً بدون تفسيرات. إن لم يكن لدينا تفسير مرقس- إن لم يكن لدينا تفسير بطرس، والذي أؤمن أنه يكمن خلف إنجيل مرقس - إذن لدينا تفسير لمؤرخ معاصر. فكرة أنه يمكننا أن نخرج خارج التفسير نوعاً ما هي فكرة خاطئة.
لذا أعتقد أن منهاجنا لا يجب أن يكون المحاولة للرجوع إلى ما هو وراء الأناجيل، بل لدراسة الأحداث التي لدينا في الأناجيل. وتوجد أسباب مختلفة بالطبع، توجد أنواع من الدلائل والتي يمكننا أن نأتي بها من أجل الاعتماد على الأناجيل، لإثبات أنها تأتي من مصادر موثوق منها. ولكن في النهاية، لدينا الطريقة التي أراد بها هؤلاء الرفاق الأوائل ليسوع، والأشخاص الذين تغيرت حياتهم بسبب يسوع، والذين تأثروا بالأحداث بعمق، أن يحكوا للجميع عنها. فما لدينا هو شهادة هؤلاء عن الأحداث.
Richard Bauckham (M.A., Ph.D. Cambridge; F.B.A.; F.R.S.E) is a widely published scholar in theology, historical theology and New Testament.